الشهيد موسى نايف السمير، رحمه الله وأسكنه فسيح جناته، واحد من أبناء مدينة موحسن /عشيرة البوخابور العلي الحليحل/ الذين خطّوا بدمائهم سطور العزّة والبطولة. وُلد عام 1930م في مدينة موحسن ونشأ في بيئة ريفية تعرف معنى الكرامة والصبر، فشبّ على حب الوطن والإيمان بقدسية الدفاع عنه. التحق بصفوف الجيش العربي السوري عام 1949م، ملبياً نداء الواجب منذ شبابه المبكر، ومقدّماً سنوات عمره في خدمة جيشه وأرضه.

وفي حرب حزيران 1967م، ذلك الفصل المرير من تاريخ الأمة، وقف الشهيد السمير موقف الرجال الأشدّاء. كان يوم 10 حزيران 1967م موعد ارتقائه شهيداً وهو برتبة مساعد، بعد أن خاض معركته الأخيرة بكل إيمان وصلابة. وتشير الروايات المتناقلة إلى أنه كان يقود مجموعة مدفع مضادّ للطيران، وقد رفض الانسحاب في لحظةٍ انهارت فيها كثير من المواقع وتراجع فيها الكثير من المقاتلين، فصمد في أرضه حتى آخر نفس، مؤمناً أن الدفاع عن الوطن شرفٌ أعظم من الحياة نفسها.

لقد جاءت بطولته في سياق تاريخي بالغ الصعوبة؛ إذ كانت حرب حزيران مواجهةً فاصلة بين إسرائيل وعدد من الدول العربية، وفيها تعرضت الجبهة السورية لهجمات جوية وبرية كثيفة. وكان على رجال الدفاع الجوي أن يتحملوا العبء الأكبر في التصدي للطيران المعادي، حيث كانت نيران السماء لا تهدأ. وفي مثل هذه الظروف، كان دور المساعدين والقادة الميدانيين بالغ الأهمية، إذ تقع على عاتقهم مسؤولية إدارة الطواقم والمحافظة على استمرار السلاح في العمل تحت أقسى الضغوط.

رحل الشهيد موسى نايف السمير جسداً، لكنه ترك سيرةً عطرة تروى للأجيال. فهو مثال للجندي الذي قدّم نفسه قرباناً لعزّة وطنه، ورمزٌ للشجاعة والإقدام والإخلاص في الميدان. رحم الله شهيدنا البطل، وجعل ذكراه وسيرته زاداً للقلوب، وحافزاً للأبناء ليظلوا أوفياء لأرضهم كما كان هو، حتى آخر لحظة من حياته.

بركات شُكر عُبَيّد