
العرب كانوا جزءاً أصيلاً من تاريخ سوريا وحضارتها قبل الإسلام بقرون طويلة. لم يكن قدوم العرب إلى سوريا مرتبطاً بظهور الإسلام، بل كانوا يعيشون فيها منذ العصور القديمة، حيث استقروا وأسهموا في بناء ممالك ومدن وتركوا بصمتهم في مختلف جوانب الحياة.
من أبرز الممالك العربية في سوريا قبل الإسلام كانت مملكة “الأنباط” التي تأسست في القرن الثاني قبل الميلاد وامتدت إلى جنوب سوريا، حيث جعلوا من بُصرى مركزاً حضارياً واقتصادياً بارزاً. اشتهر الأنباط ببراعتهم في التجارة ونظم الري، وكانوا تجاراً بارزين في المنطقة.

أما “الغساسنة”، فقد هاجروا من جنوب الجزيرة العربية في القرن الثالث الميلادي واستقروا في جنوب سوريا، خاصة في مناطق حوران والجولان وبُصرى الشام. أسس الغساسنة مملكة قوية تحت حماية الإمبراطورية البيزنطية، واعتنقوا المسيحية، مما جعلهم أحد أعمدة الحضارة العربية المسيحية.
على صعيد القبائل، كانت سوريا موطناً للعديد من القبائل العربية الكبيرة:
• تغلب استقرت قرب نهر الفرات في الشمال الشرقي.
• بكر بن وائل امتدت مناطقها إلى الجزيرة الفراتية وصولاً إلى ديار بكر.
• قضاعة توزعت في مناطق الجنوب والبادية السورية وحتى الجولان.
• لخم استقرت في جنوب سوريا وشمال الأردن، وكانت لهم مملكة بارزة في العراق.
• كنانة تركزت في دمشق ومناطق الشمال السوري.
من الناحية الثقافية، عرفت سوريا قبل الإسلام تنوعاً دينياً بين الوثنية والمسيحية واليهودية، وكان للعرب دور في إثراء هذا التنوع. الغساسنة تحديداً ساهموا في نشر المسيحية وترسيخها في المنطقة.

اقتصادياً، كانت سوريا محطة مهمة في شبكات التجارة التي ربطت الجزيرة العربية ببلاد الشام، حيث لعب العرب دوراً كبيراً في نقل البضائع والثقافات، إلى جانب أدوارهم السياسية في التحالفات والصراعات.
العرب في سوريا قبل الإسلام لم يكونوا مجرد وافدين، بل كانوا جزءاً لا يتجزأ من نسيجها الاجتماعي والثقافي، ساهموا في بناء حضارتها وإثراء تاريخها.
الإسلام جاء كمرحلة جديدة لتعزيز هذا الحضور، وليس كبداية له.
