تغدو الحكايات قيمةً، حال النظر إليها بعينين مفتوحتين على اتساعهما، وإن كانت الحكاية سوريةً، سيكون من الأفضل النظر إليها بالحواس كلها، فالسوري يغدو حكايةً أينما رحل، تلك الحكاية الصغيرة التي تكبر يوماً إثر الآخر، ويزول التعب عند بلوغ النتيجة، لا مكان للحظ هنا، إنما الجهد والتركيز والإرادة القوية، مع الذكاء والمثابرة لتغيير حياة جيلٍ كاملٍ كان ربما سيعيش تحت أنقاض فوضى الحروب في سوريا، ولكنه تمكن من العيش بعيداً عن الدم وخلق فرصٍ جديدةٍ قد تتيح في النهاية مسح آثار تلك الدماء في شوارع البلاد المنكوبة خلال المستقبل القريب، وغسل التعب عن وجوه المحاصرين بأناشيد الحروب والنزاعات والقتل والدمار.

ومن تلك الحكايات وقصص نجاحات السوريين ممن هاجروا إلى ألمانيا، جمعت كتابي “نستطيع إنجاز المُهمة ” ليصبح يوماً ما أرشيفاً وتوثيقاً لقصص من لجأوا إلى هذه البلاد بحثاً عن الاستقرار والأمان ومستقبلٍ أفضل.

الكتاب عبارة عن مجموعة قصصية توثيقية لقصص حقيقية، قُمت باختيار 48 قصة نجاح وانْدماج للسوريين الذين قدموا إلى ألمانيا عام 2015 تقريباً، ماذا حققوا خلال خمس سنوات؟

اقرأ أيضاً: حقائق وأرقام، هل السّوريُّون مُندمجون بشكل جيد في ألمانيا؟

النجاح كان في مجالات مختلفة وكل شخص لهُ قصته الخاصة، الكتاب يحمل بين طياته رحلة النزوح ومن ثم رحلة اللّجوء إلى ألمانيا ومن ثم تحدي الصعوبات سواء مع اللغة الألمانيَّة أو في البيروقراطيَّة في ألمانيا وغيرها من الصعوبات وقدرتهم بكل صلابة على تجاوزها، حتى تحقيقهم للنجاح، والنجاح الذي لم يكن مرهوناً بالنجاح الأكاديمي فقط.

استمر إعداد الكتاب لأكثر من خمسة أشهر، شمل قصص نجاح رجال ونساء وعوائل سورية في مجالات واختصاصات مختلفة مرفقة بالصور، وهو مكون من 224 صفحة، يشمل 33 قصة للذكور، 12 قصة للإناث، ثلاث قصص للعوائل.

آمل أن يشحذ همة كل من يَقرأه وأن يرفع من معنوياته وأن يكون من فيه أنموذجاً للسوريِّين الذين لن تكسر إرادتهم سنين الحرب العجاف.

آمل أن يلقى رواجاً سائداً، وأنْ يكون توثيق مهمّ للحاضر وللمُستقبل، فأكون قد أنصفتُ شعبي المكافح وزدته ثقةً بنفسهِ ودفعتُ به قُدُماً إلى الأمام.

بركات عبيد